عبثت بي الشقراء 1
خمسة أيام في الأسبوع أراها ، بل أتلهف لرؤيتها ، فكم تتلاقى خطواتنا وكم يجول زفيرنا في نفس المكان ، فأشعر بها إذا مرّت بين الأروقة ، وكما تتلاقى خطواتنا تتلاقى بيننا النظرات أيضاً ، لكن عن طريق الآخرين ، أحس بها في كل ثانية وكأنها نبض في قلبي ، وشعاع في عيني ، عام مضى والحيرة ما زالت تسكن أضلعي والتوتر يرافقني في كل لحظاتي ، وجنوني يزداد بين الحين والآخر ... وهناك وكلما رأيتها كنت أحس بقلبي الموجوع يتقلص وقدماي تثبت على مكان واحد مع أرجحة لا إرادية بالجسد، أتعرق وأنصبب عرقاً حتى في الجو البارد وأشهر الشتاء الحزينة . لم أزل أتجرع هفواتي في عشقها ، حباً وهياماًَ وولهاً وانتحارٌ بطئ وكل هذا من طرف واحد ، فلا تشعر هي بمعاناتي وآلامي التي سقيت بمياه تجاهلاتها المستمرة ...لم يزدني الإقتراب منها إلا عبثاً بي وبمشاعري وإرهاقاً لذاتي وامنياتي ، وكلما اقتربت وقوبلتُ بالرفض ، كانت الابتسامة تظهر فجأة على وجهي ، ابتسامة بعيون ملؤها الدمع وتخفي بدواخلها براكين ألم ومجرّات حزنٍ قد تراكمت منذ سنوات ، أبتسم بوجهها مخفياً عنها كل ما يعتريني من وجع ،،أتدرون لما؟؟ كنت أخفي كل ذلك عنها كي لا تشعر بأي حزن .. فقد فضّلت أن أكون أنا من يحمل الهموم عوضاً عنها, فلها السعادة ولي الألم مهما كان.يا لها من معاناة في عشقي الصامت ذو الطرف الواحد، عشقٌ يبيح كبت الآهات والصبر على الألم و المعاناة ويبيح المقامرة بالإحساس الخاسر. لم أشأ أن أكون أنا مضطهداً في هذا العشق ، فقد كنت أحلم بأشياء كثيرة جميلة ورائعة ، لم تراودني هذه الأحلام إلا بعد خسرانها المبين لي وخسراني العظيم لمشاعري، حقاً لقد خسرتني ولم يفز أحد منا في هذه المقامرة. منذ أشهر عديدة لم يأتي يوم واحد ولا ساعة بيوم دون أن يظهر بريق الدمع في عيناي ، فإن تضاحكتُ مرغماً مع أحدهم سرعان ما أعود لطبيعتي المحزونة فوراً ، فلا تعيش الابتسامة سوى لحظات ، توتّر وقلق وكآبة ليس قبل ولا بعد وكل هذا وأكثر في مسيرة البحث عن الشقراء , فلا المجتمع الظالم يرحم ، ولا يرحم الفكر الجسد ، أرق ونوم متقطع ، سرحان دائم يرافقه الهذيان ، أجننت أم هذه علامات الموت المبكر ؟لم تنتبه لنظراتي وصعقاتي المفاجئة مراراً وتكراراً، ولم تعر لها أي اهتمام يذكر، وصلت لها آهاتي سراً وعلانية بلا أي فائدة.وتستمر المعاناة ... كما أن للحديث بقية