حب و حدود
حب وحدود - هذه القصة واقعية تماماً وقد حدثت في زمن قريب جداً ...
جلس "سوناتا" على طاولته الخشبية المتفسخة ، عيناه في السماء وكأنما أضاع شيئاً فيها ، واضعاً بين سبابته والوسطى سيجارته المشتعلة دائماً،كان يتأمل دخان سيجارته وكأنما يترقب شيئاً ما سيحدث في المستقبل القريب , وجلست معه – كالمعتاد - بنفس الغرفة زميلته المنتقدة لكل شيء "شيروماتا" ، فهي الرافضة لما يوافق عليه والموافقة على ما يرفضه ، المؤنبة له على خير الأمور وسيئها .ولد "سوناتا" وترعرع في كوريا الجنوبية وكبر وتعلم وتوظف فيها لكن أبواه كانا من مواليد كوريا الشمالية ، وبسبب الحروب اوالهجرات المتكررة هناك ، لاذا بالفرار إلى كوريا الجنوبية لما سمعوا عنها وعن أهلها بالطيب المتوارث عبر العصور ، وكانت زميلته "شيروماتا" من أبناء كوريا الجنوبية الأصليين ، لكنها كانت تحمل الضغائن في قلبها لمن هم من أصول كورية شمالية ، فهي ممن انطلت عليهم الخدعة والفتنة اللتان زرعهما الاستعمار .
- شيروماتا : هل تطفئ سيجارتك أو تدخنها في الخارج ، لقد سئمت منك ومن دخانك.
- سوناتا : لما يجب علي إطفائها أو تدخينها في الخارج وأنتِ تفقدين حاسة الشم وبالتالي لا تتأثرين برائحة الدخان ، كما وأن صديقتك تدخن بجانبك دائماً وزوجك لا تنطفئ سيجارته ، فهل دخاني أنا مؤذي وسجائرهم صحية ؟؟
مضى "سوناتا" يفكر في لعانة حظه وسوء ظروفه التي من شدتها أن جمعته بهذه المرأة في مكان واحد وهو مكان العمل ، وبينما هم في تلك الأجواء المشحونة ،وإذا بفتاة تدخل عليهم مكان العمل , كانت جميلة لحد تجعل العين تصدر إشعاعات لها ، رقيقة ومهذبة ، خجولة حتى احمرار الخدين ، وعلامات البراءة ترافقها ، لم يكن "سوناتا" يحب اللون العسلي حتى رآه يكسوها ويزينها ، كان اسمها "سونجايوري" وهي من أبناء كوريا الجنوبية الأصليين أيضاً ، وأكثر ما يميزها تلك الرموش الطويلة المرفوعة بأدب وملائكية ووجها الذي يفوق القمر جمالاً ...
- سونجايوري : - وهي تلقي التحية بخجل- مرحباً ..
- سوناتا : أهلاً بك (كان ينظر وكأن شيئاً قد صعقه) .
- شيروماتا : بصوت حاقد مملوء بالغل على الفتيات الجميلات (أهلن) .
اتجهت "سونجايوري" فوراً لـ "شيروماتا" ولم تعر "سوناتا" أي اهتمام ، حتى بدت على وجهه علامات التعجب والاستفهام، وهمّت بسؤالها بخجل شديد .
- سوناتا : مرحبا ، أنا أعد مشروعاَ وهذا المشروع عبارة عن أغنية توحد الكوريتين ، كما وأعددت أغانِ من تراث كوريا الجنوبية وأخرى من تراث كوريا الشمالية ، وأريد الحصول على موافقتكم لعرضها على المسرح .
- شيروماتا : - وقد رفعت حاجبها مستهجنة مستغربة، وسرعان ما اختلف لونها - نعم لكن من أقر لك بالموافقة المبدئية ، وهل راجعتِ الأقسام الأخرى للموافقة ،،
كان من الواضح أن "شيروماتا" لا تفقه شيئاً حتى في عملها ، وأيضاً كانت تلك النعرة تلاحقها دائماً حتى في مكان عملها ، وكانت تخفي ذلك خوفاً من انتقاد الناس لها .فقالت لـ "سونجايوري" بأسلوب فوقي متعال : اذهبي واكتبي طلباً حتى نعرضه على المدير العام ، هذا إن وافق .
- سونجايوري : - مستغربة- كيف ذلك ؟- سوناتا : تعالي هنا ، أنا سألقنك صيغة الكتاب التي تريدين .
- شيروماتا : - مقاطعة – لا ، لا تلقنها ، وأنا أقول لك بالخط العريض لا تلقنها شيء .استغرب "سوناتا" واستهجن و أحس بالخجل والإحراج أمام "سونجايوري" فالتزم الصمت كي لا تحدث مشكلة ما ، لكنه ومع ذلك أملى عليها الصيغة متحدياً خبث "شيروماتا" الشريرة ومكائدها.خرجت "سونجايوري" مسرعة وخطّت الكتاب في الخارج ثم عادت ، فجاءت بالمرة الثانية لـ "سوناتا" التي كان يحترق لأجل رؤيتها ، وعندما أتت وقد خطت الكتاب بطريقة طفولية بريئة وأرفقت معه ما تريد أن تعرضه على المسرح من مادة غنائية ، فرح كثيراً واستبشر بها خيرا ، استلم منها تلك الأوراق ووعدها أن يبذل كل ما بوسعه ليساعدها في مشروعها ، وكان هو يحب فعل الخير حتى لو اضطر لتحمل المسؤولية وحدها على كاهله .غادرت"سونجايوري" المكان وتركت عبيرها خلفها ، قبّل "سوناتا" تلك الأوراق التي لامستها يداها الطاهرتان وحفظ اسمها الكامل غيباً ، وعلى الفور ذهب على حاسوبه ليبحث عنها في محركات البحث ، كتب اسمها بالمرة الأولى باللغة الكورية ، لكنه لم يجد النتائج المرجوة ، لكنه سرعان ما بدل اللغة إلى الانكليزية فوجد ما كان يبحث عنه ، نعم ، وجد اسمها بإحدى صفحات المواقع الاجتماعية ، وكانت قد وضعت صورة لعائلة ، اتضح له من الوهلة الأولى أن تلك العائلة هي الأب والأم والأخ ، وسرعان ما أحب ذلك الأب التي ظهرت عليه ملامح الهيبة والوقار والحنكة والذكاء ، فقرر "سوناتا" حينها أن يفعل المستحيل في سبيل الانخراط بتلك العائلة ومصاهرتهم .وفي اليوم التالي انتظر "سوناتا" بفارغ الصبر أن تأتي تلك الفتاة التي أحبها من النظرة الأولى ، لكنها لم تأتِ .. وجاء الرد من المدير العام على كتابها ، وكان الرفض هو الرد ، وعندما أمسك "سوناتا" الكتاب وقرأ تلك الشروحات التي كتبتها "شيروماتا" تفاجئ وصعق بذلك الافتراء الواضح الذي كتبته في شرحها على الطلب المقدم للمدير.أصابه الإحباط من جديد ، وتمنى في ذاته أن تنشق الأرض وتبتلعه خيراً من أن يقول للفتاة أن طلبها قد قوبل بالرفض ، دمعت عيناه لعدة أسباب ، فالسبب الأول هو الظلم الوظيفي الذي يعانيه ، وثانيها أن زميلته ما زالت تكن مشاعر البغض والكراهية لأبناء كوريا الشمالية ، وماذا عساه يفعل وقد غلب على أمره ، فقام بدفن تلك الورقة بين الملفات لكي لا يراها ويتأثر ..وبينما هو يهم في إغلاق خزانة الورق وإذا بفتاة تدخل عليه مكان العمل ، بدا على وجه الفتاة وكأنها تعرفه – هكذا أحس هو – فقال لها تفضلي ، فسألت عن طلب قدمته زميلتها ، وعندما سألها وعرف أنه لـ "سونجايوري" ، أصابه نوع من الفرح غير المسبوق ولكن لم يظهر ذلك ، فقد تحكم بتعابير وجهه مخفياً عمن حوله ذلك .. وسألها : أين "سونجايوري" ؟ ولماذا لم تأتِ ؟ فأجابت صديقتها : إنها مريضة جداً ولم تستطع الحضور وأرسلتني بدلاً منها .تفاجئ "سوناتا" وأصابه القهر وقال لها أنهم رفضوا الطلب وأن عليها إعادة صياغته مع الحصول على موافقات أقسم أخرى مختصة ، وتمنى الشفاء لـ "سونجايوري" ، وبلغ تحياته لها علها تصل .وبعد ليلة وفيما كان "سوناتا" كعادته يحتضن حاسوبه ، وإذا باسم غريب يرسل له رسالة شكر على ما فعله ، مع العلم أن" سوناتا" لم يقدر على فعل شيء حيال ذلك ..وعندما عرف أن الرسالة من "سونجايوري" فرح كثيراً ، ومن شدة فرحه ذهب يبكي ، فقد عرف أن الله لم يبخل عليه بمعرفتها واللقاء بها من جديد ، لكن الكترونيا وعبر آلة الزمن .رسالة تلو الأخرى وهي ما زالت تناديه معلمي، وهو يناديها تلميذتي تصر على نفس الكلمة.. إلى أن أصبحت لغة الحوار بينهما أجمل من أي لغة في الكون ، فأصبح يناديها مولاتي ، وتناديه مولاي ، يقول لها مليكتي وتدعوه مليكها .. علاقة تولدت بينهما بالصدفة وكانت من أجمل العلاقات على وجه البسيطة..وبعد أيام قليلة جداً ، وهو ما زال يدعو لها بالتوفيق والسداد والثبات على خطى العلم والمعرفة والنجاح ، وإذا به يلقاها وجهاً لوجه ، أصابه خجل شديد ولم يعد يستطيع الكلام كعادته ، وهي لم تنظر في وجهه أبداً ، فقد كان الخجل سيد الموقف ، وكانت صديقتها سيدة الشهود ، وبينما هم يتكلمان للمرة الأولى وإذ بأحد أقربائها يمر للوهلة الأولى من ذلك المكان ، فوقف وألقى عليها التحية وأصبح يسألها عن والدها كما وبدأ يعرض خدماته عليها من باب القرابة وما شابه ، كانت "سونجايوري" قد تزينت بقلادة واحدة تحمل علم الكوريتين – الشمالية والجنوبية – وكان قريبها ينظر إلى القلادة نظرة غريبة وكأنما يريد أن يتفوه بشيء ، لكن وجود "سوناتا" لم يمكنه من ذلك ، في تلك اللحظات كانت الغيرة والغضب يكسيان قلب ووجه "سوناتا" لكن حنكته وصبره جعلانه يصمت مبتسماً بوجه الجميع .ذهب قريبها وبقيت هي وصديقتها في المكان ، الموقف يزداد إحراجا وتلعثماً بالكلام ، انتهى الحديث وذهب كل طرف في حال سبيله ، جلسن هن على أحد المقاعد ، وذهب "سوناتا" لقضاء بعض الأعمال ، وإذا به يلمحهن بطرف عينه ، مضى حتى وصل لمكان رآهن فيه وهن لا يرينه ، كان يراقب تصرفاتها الطفولية الملائكية ويتمناها له زوجة وحبيبة وأما وصديقة وكل شيء من الممكن أن يغير حياته للأفضل ، أنهى "سوناتا" أعماله وخرج حتى رأينه هن ، وقامت "سونجايوري" من مكانها مسرعة منتفضة لكن "سوناتا" كان يراها بطرف عينه ، وعندما مشى قليلاً وإذا بها تلاحقه كمراهقة ، ولم تدرِ أنه كان يلاحقها أيضاً كالمراهق ، فكلاهما أحبا بعضهما البعض .اتفقا على الوفاء لبعضهم ونسيان الماضي مهما كان وبدء حياة جديدة تقوم على الاحترام والسلام والحب المتبادل ، حياة أبدية يملؤها الصدق والثقة المتبادلة ، أما "سوناتا" الذي كان يعاني من ظروف قاسية من نواحي كثيرة ، فقد قرر الوقوف بوجه المستحيلفي سبيل الوصول لها ، وتعهدت "سونجايوري" له بالوفاء ومساعدته بالوصول لها ، واستمرت المحبة بينهما حتى وقتنا الحالي .
::: يتبع:::
جلس "سوناتا" على طاولته الخشبية المتفسخة ، عيناه في السماء وكأنما أضاع شيئاً فيها ، واضعاً بين سبابته والوسطى سيجارته المشتعلة دائماً،كان يتأمل دخان سيجارته وكأنما يترقب شيئاً ما سيحدث في المستقبل القريب , وجلست معه – كالمعتاد - بنفس الغرفة زميلته المنتقدة لكل شيء "شيروماتا" ، فهي الرافضة لما يوافق عليه والموافقة على ما يرفضه ، المؤنبة له على خير الأمور وسيئها .ولد "سوناتا" وترعرع في كوريا الجنوبية وكبر وتعلم وتوظف فيها لكن أبواه كانا من مواليد كوريا الشمالية ، وبسبب الحروب اوالهجرات المتكررة هناك ، لاذا بالفرار إلى كوريا الجنوبية لما سمعوا عنها وعن أهلها بالطيب المتوارث عبر العصور ، وكانت زميلته "شيروماتا" من أبناء كوريا الجنوبية الأصليين ، لكنها كانت تحمل الضغائن في قلبها لمن هم من أصول كورية شمالية ، فهي ممن انطلت عليهم الخدعة والفتنة اللتان زرعهما الاستعمار .
- شيروماتا : هل تطفئ سيجارتك أو تدخنها في الخارج ، لقد سئمت منك ومن دخانك.
- سوناتا : لما يجب علي إطفائها أو تدخينها في الخارج وأنتِ تفقدين حاسة الشم وبالتالي لا تتأثرين برائحة الدخان ، كما وأن صديقتك تدخن بجانبك دائماً وزوجك لا تنطفئ سيجارته ، فهل دخاني أنا مؤذي وسجائرهم صحية ؟؟
مضى "سوناتا" يفكر في لعانة حظه وسوء ظروفه التي من شدتها أن جمعته بهذه المرأة في مكان واحد وهو مكان العمل ، وبينما هم في تلك الأجواء المشحونة ،وإذا بفتاة تدخل عليهم مكان العمل , كانت جميلة لحد تجعل العين تصدر إشعاعات لها ، رقيقة ومهذبة ، خجولة حتى احمرار الخدين ، وعلامات البراءة ترافقها ، لم يكن "سوناتا" يحب اللون العسلي حتى رآه يكسوها ويزينها ، كان اسمها "سونجايوري" وهي من أبناء كوريا الجنوبية الأصليين أيضاً ، وأكثر ما يميزها تلك الرموش الطويلة المرفوعة بأدب وملائكية ووجها الذي يفوق القمر جمالاً ...
- سونجايوري : - وهي تلقي التحية بخجل- مرحباً ..
- سوناتا : أهلاً بك (كان ينظر وكأن شيئاً قد صعقه) .
- شيروماتا : بصوت حاقد مملوء بالغل على الفتيات الجميلات (أهلن) .
اتجهت "سونجايوري" فوراً لـ "شيروماتا" ولم تعر "سوناتا" أي اهتمام ، حتى بدت على وجهه علامات التعجب والاستفهام، وهمّت بسؤالها بخجل شديد .
- سوناتا : مرحبا ، أنا أعد مشروعاَ وهذا المشروع عبارة عن أغنية توحد الكوريتين ، كما وأعددت أغانِ من تراث كوريا الجنوبية وأخرى من تراث كوريا الشمالية ، وأريد الحصول على موافقتكم لعرضها على المسرح .
- شيروماتا : - وقد رفعت حاجبها مستهجنة مستغربة، وسرعان ما اختلف لونها - نعم لكن من أقر لك بالموافقة المبدئية ، وهل راجعتِ الأقسام الأخرى للموافقة ،،
كان من الواضح أن "شيروماتا" لا تفقه شيئاً حتى في عملها ، وأيضاً كانت تلك النعرة تلاحقها دائماً حتى في مكان عملها ، وكانت تخفي ذلك خوفاً من انتقاد الناس لها .فقالت لـ "سونجايوري" بأسلوب فوقي متعال : اذهبي واكتبي طلباً حتى نعرضه على المدير العام ، هذا إن وافق .
- سونجايوري : - مستغربة- كيف ذلك ؟- سوناتا : تعالي هنا ، أنا سألقنك صيغة الكتاب التي تريدين .
- شيروماتا : - مقاطعة – لا ، لا تلقنها ، وأنا أقول لك بالخط العريض لا تلقنها شيء .استغرب "سوناتا" واستهجن و أحس بالخجل والإحراج أمام "سونجايوري" فالتزم الصمت كي لا تحدث مشكلة ما ، لكنه ومع ذلك أملى عليها الصيغة متحدياً خبث "شيروماتا" الشريرة ومكائدها.خرجت "سونجايوري" مسرعة وخطّت الكتاب في الخارج ثم عادت ، فجاءت بالمرة الثانية لـ "سوناتا" التي كان يحترق لأجل رؤيتها ، وعندما أتت وقد خطت الكتاب بطريقة طفولية بريئة وأرفقت معه ما تريد أن تعرضه على المسرح من مادة غنائية ، فرح كثيراً واستبشر بها خيرا ، استلم منها تلك الأوراق ووعدها أن يبذل كل ما بوسعه ليساعدها في مشروعها ، وكان هو يحب فعل الخير حتى لو اضطر لتحمل المسؤولية وحدها على كاهله .غادرت"سونجايوري" المكان وتركت عبيرها خلفها ، قبّل "سوناتا" تلك الأوراق التي لامستها يداها الطاهرتان وحفظ اسمها الكامل غيباً ، وعلى الفور ذهب على حاسوبه ليبحث عنها في محركات البحث ، كتب اسمها بالمرة الأولى باللغة الكورية ، لكنه لم يجد النتائج المرجوة ، لكنه سرعان ما بدل اللغة إلى الانكليزية فوجد ما كان يبحث عنه ، نعم ، وجد اسمها بإحدى صفحات المواقع الاجتماعية ، وكانت قد وضعت صورة لعائلة ، اتضح له من الوهلة الأولى أن تلك العائلة هي الأب والأم والأخ ، وسرعان ما أحب ذلك الأب التي ظهرت عليه ملامح الهيبة والوقار والحنكة والذكاء ، فقرر "سوناتا" حينها أن يفعل المستحيل في سبيل الانخراط بتلك العائلة ومصاهرتهم .وفي اليوم التالي انتظر "سوناتا" بفارغ الصبر أن تأتي تلك الفتاة التي أحبها من النظرة الأولى ، لكنها لم تأتِ .. وجاء الرد من المدير العام على كتابها ، وكان الرفض هو الرد ، وعندما أمسك "سوناتا" الكتاب وقرأ تلك الشروحات التي كتبتها "شيروماتا" تفاجئ وصعق بذلك الافتراء الواضح الذي كتبته في شرحها على الطلب المقدم للمدير.أصابه الإحباط من جديد ، وتمنى في ذاته أن تنشق الأرض وتبتلعه خيراً من أن يقول للفتاة أن طلبها قد قوبل بالرفض ، دمعت عيناه لعدة أسباب ، فالسبب الأول هو الظلم الوظيفي الذي يعانيه ، وثانيها أن زميلته ما زالت تكن مشاعر البغض والكراهية لأبناء كوريا الشمالية ، وماذا عساه يفعل وقد غلب على أمره ، فقام بدفن تلك الورقة بين الملفات لكي لا يراها ويتأثر ..وبينما هو يهم في إغلاق خزانة الورق وإذا بفتاة تدخل عليه مكان العمل ، بدا على وجه الفتاة وكأنها تعرفه – هكذا أحس هو – فقال لها تفضلي ، فسألت عن طلب قدمته زميلتها ، وعندما سألها وعرف أنه لـ "سونجايوري" ، أصابه نوع من الفرح غير المسبوق ولكن لم يظهر ذلك ، فقد تحكم بتعابير وجهه مخفياً عمن حوله ذلك .. وسألها : أين "سونجايوري" ؟ ولماذا لم تأتِ ؟ فأجابت صديقتها : إنها مريضة جداً ولم تستطع الحضور وأرسلتني بدلاً منها .تفاجئ "سوناتا" وأصابه القهر وقال لها أنهم رفضوا الطلب وأن عليها إعادة صياغته مع الحصول على موافقات أقسم أخرى مختصة ، وتمنى الشفاء لـ "سونجايوري" ، وبلغ تحياته لها علها تصل .وبعد ليلة وفيما كان "سوناتا" كعادته يحتضن حاسوبه ، وإذا باسم غريب يرسل له رسالة شكر على ما فعله ، مع العلم أن" سوناتا" لم يقدر على فعل شيء حيال ذلك ..وعندما عرف أن الرسالة من "سونجايوري" فرح كثيراً ، ومن شدة فرحه ذهب يبكي ، فقد عرف أن الله لم يبخل عليه بمعرفتها واللقاء بها من جديد ، لكن الكترونيا وعبر آلة الزمن .رسالة تلو الأخرى وهي ما زالت تناديه معلمي، وهو يناديها تلميذتي تصر على نفس الكلمة.. إلى أن أصبحت لغة الحوار بينهما أجمل من أي لغة في الكون ، فأصبح يناديها مولاتي ، وتناديه مولاي ، يقول لها مليكتي وتدعوه مليكها .. علاقة تولدت بينهما بالصدفة وكانت من أجمل العلاقات على وجه البسيطة..وبعد أيام قليلة جداً ، وهو ما زال يدعو لها بالتوفيق والسداد والثبات على خطى العلم والمعرفة والنجاح ، وإذا به يلقاها وجهاً لوجه ، أصابه خجل شديد ولم يعد يستطيع الكلام كعادته ، وهي لم تنظر في وجهه أبداً ، فقد كان الخجل سيد الموقف ، وكانت صديقتها سيدة الشهود ، وبينما هم يتكلمان للمرة الأولى وإذ بأحد أقربائها يمر للوهلة الأولى من ذلك المكان ، فوقف وألقى عليها التحية وأصبح يسألها عن والدها كما وبدأ يعرض خدماته عليها من باب القرابة وما شابه ، كانت "سونجايوري" قد تزينت بقلادة واحدة تحمل علم الكوريتين – الشمالية والجنوبية – وكان قريبها ينظر إلى القلادة نظرة غريبة وكأنما يريد أن يتفوه بشيء ، لكن وجود "سوناتا" لم يمكنه من ذلك ، في تلك اللحظات كانت الغيرة والغضب يكسيان قلب ووجه "سوناتا" لكن حنكته وصبره جعلانه يصمت مبتسماً بوجه الجميع .ذهب قريبها وبقيت هي وصديقتها في المكان ، الموقف يزداد إحراجا وتلعثماً بالكلام ، انتهى الحديث وذهب كل طرف في حال سبيله ، جلسن هن على أحد المقاعد ، وذهب "سوناتا" لقضاء بعض الأعمال ، وإذا به يلمحهن بطرف عينه ، مضى حتى وصل لمكان رآهن فيه وهن لا يرينه ، كان يراقب تصرفاتها الطفولية الملائكية ويتمناها له زوجة وحبيبة وأما وصديقة وكل شيء من الممكن أن يغير حياته للأفضل ، أنهى "سوناتا" أعماله وخرج حتى رأينه هن ، وقامت "سونجايوري" من مكانها مسرعة منتفضة لكن "سوناتا" كان يراها بطرف عينه ، وعندما مشى قليلاً وإذا بها تلاحقه كمراهقة ، ولم تدرِ أنه كان يلاحقها أيضاً كالمراهق ، فكلاهما أحبا بعضهما البعض .اتفقا على الوفاء لبعضهم ونسيان الماضي مهما كان وبدء حياة جديدة تقوم على الاحترام والسلام والحب المتبادل ، حياة أبدية يملؤها الصدق والثقة المتبادلة ، أما "سوناتا" الذي كان يعاني من ظروف قاسية من نواحي كثيرة ، فقد قرر الوقوف بوجه المستحيلفي سبيل الوصول لها ، وتعهدت "سونجايوري" له بالوفاء ومساعدته بالوصول لها ، واستمرت المحبة بينهما حتى وقتنا الحالي .
::: يتبع:::