حبيبتي في 24 ساعة
ظلي .. دمي .. أنفاسي .. جسدي .. وروحي ،، وأكثر ،،،، أكاد لا أفارقها ولو أنني لم أقترب منها في حياتي قط ،، لم تلمس كفوفي كفوفها ،،و لم أستنشق زفيرها العذب ، وما شممت عطرها أبداً ،، أحببتها وأحبتني دون أن يعلم أحد منا بخفايا قلب الآخر ،، ودون أن يشعر بنا إنسان على وجه الأرض ...
،،
مع بزوغ كل فجر جديد ،، يراودني طيفها في الدقائق الأخيرة من الليل ،، فيحضن الليل الصباح وتحضن هي أحلامي المرهقه ،، فأستفيق على خيالاتها ،، توقظني أمي من نومي فأراها بوجه أمي ،، فألتصق بالفراش من جديد كي تصر على إيقاظي حتى أراها مراتٍ عده ،، وبعد ذلك أتوجه ومنشفتي لأغسل وجهي ،، وإذ بي أراها في المرآه ، وفي الماء وعلى كفوف يداي ،، إنه الحب بأم عينه .. حقيقةً لا خيال ,, واقعاً وليس حلماً ..
أغمر وجهي بمنشفتي السميكة ،، فأشعر بدفء ورائحة زهر الياسمين تداعب أنفي ,, فأفتح عيناي داخلها لأرى محبوبتي تشع نوراً وسط ظلام المنشفة السميكة ..
أجل ،، مر عام ونصف والأحداث نفسها تتكرر كل صباح وكل مساء .
وبعد لحظات النشوة العارمة تلك ،، أجلس كالعادة على مائدة الإفطار الإجباري - كما لو كنت في معسكر حربي - فأرى وجهها في الزيت والزعتر ، فيصبحان أشهى ، وألمس دفئها حين أمسك رغيف الخبز وكوب الحليب ،، وأمد يدي برفق إلى ما وجد من أطباق حتى لا أعكر صورتها المعكوسة من عيناي إلى تلك الأطباق ,, حقاً إنه لشعور غريب لم يتوصل له أي علم من علوم النفس البشريه .. ولا أي من إختراعات المخترعين ولا علم العلماء ،، و فوق كل ذي علمٍ عليم ،،
حفنة دقائق قليله أقضيها في تناول الإفطار وشرب الحليب المحلى بعنف واحتساء القهوة المرّة ..
تدق الساعة السابعة صباحاً ،، فأهرول مسرعاً لأصعد مع أحد الأقرباء ليوصلني إلى عملي ، خمس وأربعون دقيقه هي المسافة ما بين بيتي والعمل ،، أرى خلالها مئات بل آلاف الوجوه ،، منها الشاحب ومنها المرح والآخر مكتئب ومهموم ، ومنها التائه ، ومنها المخنوق اسوداداً .. وعلى الرغم من كل تلك الوجوه ، إلا أنني أرى الجميع هي وأراها بوجوههم جميعاً ....
أراها في وجه الممرضة والطبيبه والعامله والشرطيه والمعلمه ،، وأرى استدارة وجهها في الشمس وإشارات المرور ،، أراها حيث رأيت الجمال ،، وحيث ما نظرت أرى الجمال ،، فأراها في وجوه الجميع وفي كل مكان .. فهي الكون بأسره وأنا أصبحت أسير الكون ..
يخيل لكم أنها ساحره وأنا المسحور ،، وربما يظن البعض أن هذا هراء أو حالة لحظيه من جنون العشق ونتائج الوله ,, والبعض سيطبق شفتاه مهمهماً بكلمة "مجنون" ، أما أنا ، سأصر على ما يعتريني من شعور بها ولها ومنها ،،
دعوني أكمل ,,,
تقف المركبة أمام مركز عملي ،، أودع السائق وأنظر إليه وكأنني سأقول له لماذا استعجلت بالمجئ ،، ولماذا لم تدعني أكمل تفكيري بها ،،
فيذهب هو وأسير انا إلى الداخل بخطوات لا أحس بها ،، وأتوجه إلي مكتبي الذي أراها أيضاً في أثاثه وعلى جدرانه ،، أراها على حاسوب العمل ، وفي الممرات وفي وجوه الآلاف ممن أراهم يومياً ..
بالرغم من أن الكون لا يخلو من الحاقدين الحاسدين ، والحمقى والخبث ،، إلا أنني أحس بهم كالملائكه ،، والفضل يعود لها ،، فأنا أحاول مجبراً نفسي على اقتفاء أثرها في طيبة القلب ولعلني أصل لمستواها الملائكي .
تمضي ساعات العمل الأولى وما يزال عقلي مخدراً بها ،، ومع ذلك فلا أفقد التركيز بالعمل ،، فهي ملهمتي ولأجلها أعشق العمل والتعب والصحو المبكر ،، ولأجلها عرفت المسؤولية والإعتماد على الذات في الأمور جميعها ،، فشكراً لها ...
وعند انتهاء الدوام الرسمي ،، أخرج مسرعاً ،، أستعجل المشية والرجوع إلى البيت ،، إنها تنتظرني في غرفتي تنتظرني في أشيائي ، في مائدة الغداء كما الإفطار ، تحتري قدومي كما أحتري رؤيتها .
تارةً أخرى وفي طريق العودة ، وبعد نهار متعب ، يكرر شريط الصباح نفسه ، ولكن هذه المرة بالتفكير الجدي بالمستقبل وحيثياته المبهمه ،، أتسائل وأنظر من حولي ، وأقول لنفسي : هل أنت لها ؟ هل هي لك ؟ هل سيجود الزمان وتلتقيان ؟ فأستبشر خيراً تارةً وتارةً أخرى تشيح أمامي غمامة من غمامات الواقع الأسود ، فأتراجع قليلاً عن التفاؤل لأغرق في دوامة المجهول والخوف من القادم ....
وتمضي الدقائق وتلمس يدي باب منزلي ،، أبدل ثيابي وأغتسل وأتناول طعامي ، وبعد ذلك أرمي بجسدي المنهك على فراشي الذي غادرته منذ العشر ساعات وأكثر ، فتذهب عيناي الدامعتان طوعاً إلى السقف مبحرةً سارحةً فيه ، وعقلي لا يكف عن التفكير ،، فأبقى على ذا الحال لساعتين تقريباً حتى تعلن السابعة مساءً مجيئها ، فأقوم من فراشي وأرتدي ملابسي السوداء بالكامل ،، وأستقل أي حافلة ترمي بي لمكان قريب من بيتها ،، أقف على قرابةٍ منه ،، وبحذرٍ شديد ، ألتفت إلى شباك غرفتها الذي لم تشعل بها النور قط ،، كانت تشعله ولكن الستائر الخشبية كانت تحول بيني وبين رؤيته ،، فلا أكترث ، فالمهم عندي أن أرى أي شيء يتعلق بها حتى لز كانت الجدران الصماء ...
هناك وفي كل ليلة تقريباً وحوالي الساعة الثامنة مساءً ، أتذكر مقطعاً من قصيدة للشاعر "خالد بن يزيد" حين قال ((ليلة لُقانا .. مَوعدي السَّاعه ثمان)) ،، فأردد هذا المقطع مراتٍ عديده حتى تمضي الدقائق القليلة اللامثيرة للشك والريبه عند أهل بيتها وجيرانها ،،
أحياناً كنت أخبرها بوجودي أمام منزلها ،، وفي الغالب تكوني زيارتي سرية لا يعلم بها إلا الله ،،
بعد ذلك أعود لمنزلي من جديد ،، وإذا بالوقت المخصص لمكالماتنا الهاتفية قد حان ، فيهتز هاتفي النقال الذي خصصته لها لوحدها ، فيظهر اسمها ، وصورتها حينما كانت طفله ،، وتظهر عبارة على شاشة الهاتف تقول "------ يتصل بك" ، أجل هي صاحبة الإسم سداسي الحروف ،، وبحركة سريعة أجيب على الإتصال لتكتمل كل صور اليوم حين استمع لصوتها الفتان ،، تقول كلمة وتصمت بمقدار ألف كلمة ،، وأبادلها الصمت ،، هي طبيبتي وأنا طبيبها ، فعندما تشعر بأنني أعاني الحزن والكآبه تمتص غضبي وتبدد حزني بحديثها وضحكاتها حتى تنسيني ما يلم بي من حزن ،، وكذلك أفعل حينما أشعر بأمر ما يضايقها ،
يستمر حديثنا قرابة الساعة تقريباً حتى العاشرة مساءً ،، حيث جرت العادة أن نقطع دابر الحديث كل ليلة في مثل هذا الوقت ولظروفٍ خارجة عن إرادة كلانا ..
عندها يتوقف الكون بالنسبة لي ، وينتهي العمل بالوقت ، وتستقر عقارب الساعة بمكانها دون حراك ،، فقد انقطعت مرغماً عن سماع محبوبتي والتآنس فيها ،،
أبقى بعد ذلك متئكاً على راحة يدي ملقياً برأسي الملئ بالتفكير والهموم عليها،، مشلول الحركة جسدياً وسريعها فكرياً ،، باكي الجفن صامتاً وحيداً في عتمة ليلي ،، حتى تصعد روحي للسماء كما يحدث كل ليلة ،،
وعندما تعود في الصباح ،،،، تعيد الأحداث نفسها بدءً من السطر الأول ...
،،
مع بزوغ كل فجر جديد ،، يراودني طيفها في الدقائق الأخيرة من الليل ،، فيحضن الليل الصباح وتحضن هي أحلامي المرهقه ،، فأستفيق على خيالاتها ،، توقظني أمي من نومي فأراها بوجه أمي ،، فألتصق بالفراش من جديد كي تصر على إيقاظي حتى أراها مراتٍ عده ،، وبعد ذلك أتوجه ومنشفتي لأغسل وجهي ،، وإذ بي أراها في المرآه ، وفي الماء وعلى كفوف يداي ،، إنه الحب بأم عينه .. حقيقةً لا خيال ,, واقعاً وليس حلماً ..
أغمر وجهي بمنشفتي السميكة ،، فأشعر بدفء ورائحة زهر الياسمين تداعب أنفي ,, فأفتح عيناي داخلها لأرى محبوبتي تشع نوراً وسط ظلام المنشفة السميكة ..
أجل ،، مر عام ونصف والأحداث نفسها تتكرر كل صباح وكل مساء .
وبعد لحظات النشوة العارمة تلك ،، أجلس كالعادة على مائدة الإفطار الإجباري - كما لو كنت في معسكر حربي - فأرى وجهها في الزيت والزعتر ، فيصبحان أشهى ، وألمس دفئها حين أمسك رغيف الخبز وكوب الحليب ،، وأمد يدي برفق إلى ما وجد من أطباق حتى لا أعكر صورتها المعكوسة من عيناي إلى تلك الأطباق ,, حقاً إنه لشعور غريب لم يتوصل له أي علم من علوم النفس البشريه .. ولا أي من إختراعات المخترعين ولا علم العلماء ،، و فوق كل ذي علمٍ عليم ،،
حفنة دقائق قليله أقضيها في تناول الإفطار وشرب الحليب المحلى بعنف واحتساء القهوة المرّة ..
تدق الساعة السابعة صباحاً ،، فأهرول مسرعاً لأصعد مع أحد الأقرباء ليوصلني إلى عملي ، خمس وأربعون دقيقه هي المسافة ما بين بيتي والعمل ،، أرى خلالها مئات بل آلاف الوجوه ،، منها الشاحب ومنها المرح والآخر مكتئب ومهموم ، ومنها التائه ، ومنها المخنوق اسوداداً .. وعلى الرغم من كل تلك الوجوه ، إلا أنني أرى الجميع هي وأراها بوجوههم جميعاً ....
أراها في وجه الممرضة والطبيبه والعامله والشرطيه والمعلمه ،، وأرى استدارة وجهها في الشمس وإشارات المرور ،، أراها حيث رأيت الجمال ،، وحيث ما نظرت أرى الجمال ،، فأراها في وجوه الجميع وفي كل مكان .. فهي الكون بأسره وأنا أصبحت أسير الكون ..
يخيل لكم أنها ساحره وأنا المسحور ،، وربما يظن البعض أن هذا هراء أو حالة لحظيه من جنون العشق ونتائج الوله ,, والبعض سيطبق شفتاه مهمهماً بكلمة "مجنون" ، أما أنا ، سأصر على ما يعتريني من شعور بها ولها ومنها ،،
دعوني أكمل ,,,
تقف المركبة أمام مركز عملي ،، أودع السائق وأنظر إليه وكأنني سأقول له لماذا استعجلت بالمجئ ،، ولماذا لم تدعني أكمل تفكيري بها ،،
فيذهب هو وأسير انا إلى الداخل بخطوات لا أحس بها ،، وأتوجه إلي مكتبي الذي أراها أيضاً في أثاثه وعلى جدرانه ،، أراها على حاسوب العمل ، وفي الممرات وفي وجوه الآلاف ممن أراهم يومياً ..
بالرغم من أن الكون لا يخلو من الحاقدين الحاسدين ، والحمقى والخبث ،، إلا أنني أحس بهم كالملائكه ،، والفضل يعود لها ،، فأنا أحاول مجبراً نفسي على اقتفاء أثرها في طيبة القلب ولعلني أصل لمستواها الملائكي .
تمضي ساعات العمل الأولى وما يزال عقلي مخدراً بها ،، ومع ذلك فلا أفقد التركيز بالعمل ،، فهي ملهمتي ولأجلها أعشق العمل والتعب والصحو المبكر ،، ولأجلها عرفت المسؤولية والإعتماد على الذات في الأمور جميعها ،، فشكراً لها ...
وعند انتهاء الدوام الرسمي ،، أخرج مسرعاً ،، أستعجل المشية والرجوع إلى البيت ،، إنها تنتظرني في غرفتي تنتظرني في أشيائي ، في مائدة الغداء كما الإفطار ، تحتري قدومي كما أحتري رؤيتها .
تارةً أخرى وفي طريق العودة ، وبعد نهار متعب ، يكرر شريط الصباح نفسه ، ولكن هذه المرة بالتفكير الجدي بالمستقبل وحيثياته المبهمه ،، أتسائل وأنظر من حولي ، وأقول لنفسي : هل أنت لها ؟ هل هي لك ؟ هل سيجود الزمان وتلتقيان ؟ فأستبشر خيراً تارةً وتارةً أخرى تشيح أمامي غمامة من غمامات الواقع الأسود ، فأتراجع قليلاً عن التفاؤل لأغرق في دوامة المجهول والخوف من القادم ....
وتمضي الدقائق وتلمس يدي باب منزلي ،، أبدل ثيابي وأغتسل وأتناول طعامي ، وبعد ذلك أرمي بجسدي المنهك على فراشي الذي غادرته منذ العشر ساعات وأكثر ، فتذهب عيناي الدامعتان طوعاً إلى السقف مبحرةً سارحةً فيه ، وعقلي لا يكف عن التفكير ،، فأبقى على ذا الحال لساعتين تقريباً حتى تعلن السابعة مساءً مجيئها ، فأقوم من فراشي وأرتدي ملابسي السوداء بالكامل ،، وأستقل أي حافلة ترمي بي لمكان قريب من بيتها ،، أقف على قرابةٍ منه ،، وبحذرٍ شديد ، ألتفت إلى شباك غرفتها الذي لم تشعل بها النور قط ،، كانت تشعله ولكن الستائر الخشبية كانت تحول بيني وبين رؤيته ،، فلا أكترث ، فالمهم عندي أن أرى أي شيء يتعلق بها حتى لز كانت الجدران الصماء ...
هناك وفي كل ليلة تقريباً وحوالي الساعة الثامنة مساءً ، أتذكر مقطعاً من قصيدة للشاعر "خالد بن يزيد" حين قال ((ليلة لُقانا .. مَوعدي السَّاعه ثمان)) ،، فأردد هذا المقطع مراتٍ عديده حتى تمضي الدقائق القليلة اللامثيرة للشك والريبه عند أهل بيتها وجيرانها ،،
أحياناً كنت أخبرها بوجودي أمام منزلها ،، وفي الغالب تكوني زيارتي سرية لا يعلم بها إلا الله ،،
بعد ذلك أعود لمنزلي من جديد ،، وإذا بالوقت المخصص لمكالماتنا الهاتفية قد حان ، فيهتز هاتفي النقال الذي خصصته لها لوحدها ، فيظهر اسمها ، وصورتها حينما كانت طفله ،، وتظهر عبارة على شاشة الهاتف تقول "------ يتصل بك" ، أجل هي صاحبة الإسم سداسي الحروف ،، وبحركة سريعة أجيب على الإتصال لتكتمل كل صور اليوم حين استمع لصوتها الفتان ،، تقول كلمة وتصمت بمقدار ألف كلمة ،، وأبادلها الصمت ،، هي طبيبتي وأنا طبيبها ، فعندما تشعر بأنني أعاني الحزن والكآبه تمتص غضبي وتبدد حزني بحديثها وضحكاتها حتى تنسيني ما يلم بي من حزن ،، وكذلك أفعل حينما أشعر بأمر ما يضايقها ،
يستمر حديثنا قرابة الساعة تقريباً حتى العاشرة مساءً ،، حيث جرت العادة أن نقطع دابر الحديث كل ليلة في مثل هذا الوقت ولظروفٍ خارجة عن إرادة كلانا ..
عندها يتوقف الكون بالنسبة لي ، وينتهي العمل بالوقت ، وتستقر عقارب الساعة بمكانها دون حراك ،، فقد انقطعت مرغماً عن سماع محبوبتي والتآنس فيها ،،
أبقى بعد ذلك متئكاً على راحة يدي ملقياً برأسي الملئ بالتفكير والهموم عليها،، مشلول الحركة جسدياً وسريعها فكرياً ،، باكي الجفن صامتاً وحيداً في عتمة ليلي ،، حتى تصعد روحي للسماء كما يحدث كل ليلة ،،
وعندما تعود في الصباح ،،،، تعيد الأحداث نفسها بدءً من السطر الأول ...