أسوأ أيام حياتي
كان صباحاً باردً وجو غائم في يوم من أيام شهر كانون الثاني ،،،، الناس تنتظر حافلات النقل عند الإشارة الضوئية ،،، ووجوههم عابسه ،، لا أحد يبتسم ،، فهم ذاهبون للعمل وللشقاء، عوضاً عن ذلك ,, فشعبنا معروف بالكشرة وعدم الضحك والإبتسامه ،، متناسين أن الإبتسامه في وجوه الناس صدقه …
وقفت بينهم وفي يدي اليسرى سيجارتي التي لا تنطفئ إلا عند النوم وفي اليد اليمنى كوب قهوة بلاستيكي ،،، إنتظرت ذلك الباص اللعين الذي كان من المفترض أن يقلني إلى عملي ،، فجأة وإذا بي أسرح كعادتي ، وأتذكر الماضي ،، أتذكر سنواتي التي ذهبت هباءً منثورا كعبادة الشيطان أو كدخان سيجارتي البلهاء ..
وقفت طويلاً وتعمدت أن أتأخر عن عملي في ذلك اليوم لأسباب لم أعرفها أنا ,,, ربما كان تحدياً مني لرئيسي في العمل .. أو ربما أعجبني أن أكون شارد الذهن ..
وفجأة وبدون سابق إلتفات مني وإذا بحافلةٍ فارغة لا يوجد فيها أحد سوى السائق وجابي الأجرة … ركبت في أحد الكراسي المزدوجه ،، وتبعني الركاب المنتظرون خلفي .. نظرت إلي المكان الذي وقفت فيه لمدة ساعة ونصف ،، تحسست كوب القهوة الذي كاد يتجمد مثل عروقي ،، ولكنني صممت على أن أدفئه مثلما دفئني سابقاً …
مضت الحافلة في خط سيرها وعدت للسرحان والتذكر ،،، وإذا بها تقف على غير العادة لكي تقل راكباً … مع العلم أن عدد الكراسي قد إكتمل ولا مكان للسيدة التي صعدت مع رضيعها ،،، إلتفت لجانبي فرأيت إمرأة طاعنةً بالسن ،، فقمت من مكاني وأشرت للسيدة أن تجلس ،،،
شكرتني بصوت خافت ،،، ولكنها ذكرت إسمي لقد قالت شكراً وأتبعتها بإسمي ….
إستفقت حينها من غيبوبتي الصباحيه ونظرت لها ،،، وإذا هي الماضي …. نعم .. الماضي بعينه ،، الحب القديم ،، بعد فراق عام ونصف ،، تصعد ومعها طفل رضيع ،،، وفي نفس الحافلة التي كنا نجلس فيها سوياً في سابق عهدنا ..
أكمل السائق المسير ،، وأنا أقف بجانب الجابي ،، أحبس دموعي وأهددها إن نزلت ،، وبعد مسافة الربع ساعه ،، نزلت المرأة العجوز ،،، وكأن ذلك كان إتفاقاً بينهما ،، نزلت العجوز ومضى السائق مكملاً وإذا به ينظر إلي عبر مرآته الوسطيه ويقول لي بعاميته (( أقعد لو سمحت جنب الأخت)) ولكني كنت سأقول له ،، نعم هي الأخت ،، فقد قالت لي في آخر لقاء (إنتا مثل أخوي) نعم هذه الكلمة التي أكرهها ،،، أحبها سبع سنوات وبالنهاية تقول لي مثل أخي .
أطعت السائق وجلست بجانبها وأنا أقشعر وأكاد أجن ،، أما هي فقد أصبحت تناغي إبنها حديث الولاده ،، وتضاحكه كما كانت تضاحكني ….
بكيت يومها وتكدرت ،، وطلبت السائق الوقوف على الفور …
تركتها والحافله وإبنها في حال سبيلهم ،، وقفزت إلى الخط الراجع ،، وعدت إلي بيتي ،،
عدت مكسور الخاطر ،، مزرق الجفن ،، أحسست بأنها بداية النهاية ،،، كانت تلك آخر مرة أراها بها ،، فقد تركت بلدها وسافرت وكتبت لها قصائد الوداع والفراق على أمل أن لا أعود …
ولن أعود … إلا إذا جمعتنا تلك الحافلة من جديد ، حينها سأتجرأ وأقول لها بعامية أم كلثوم (قول للزمان إرجع يا زمان) …
———————–
…. محمد أبو ربيع ….
وقفت بينهم وفي يدي اليسرى سيجارتي التي لا تنطفئ إلا عند النوم وفي اليد اليمنى كوب قهوة بلاستيكي ،،، إنتظرت ذلك الباص اللعين الذي كان من المفترض أن يقلني إلى عملي ،، فجأة وإذا بي أسرح كعادتي ، وأتذكر الماضي ،، أتذكر سنواتي التي ذهبت هباءً منثورا كعبادة الشيطان أو كدخان سيجارتي البلهاء ..
وقفت طويلاً وتعمدت أن أتأخر عن عملي في ذلك اليوم لأسباب لم أعرفها أنا ,,, ربما كان تحدياً مني لرئيسي في العمل .. أو ربما أعجبني أن أكون شارد الذهن ..
وفجأة وبدون سابق إلتفات مني وإذا بحافلةٍ فارغة لا يوجد فيها أحد سوى السائق وجابي الأجرة … ركبت في أحد الكراسي المزدوجه ،، وتبعني الركاب المنتظرون خلفي .. نظرت إلي المكان الذي وقفت فيه لمدة ساعة ونصف ،، تحسست كوب القهوة الذي كاد يتجمد مثل عروقي ،، ولكنني صممت على أن أدفئه مثلما دفئني سابقاً …
مضت الحافلة في خط سيرها وعدت للسرحان والتذكر ،،، وإذا بها تقف على غير العادة لكي تقل راكباً … مع العلم أن عدد الكراسي قد إكتمل ولا مكان للسيدة التي صعدت مع رضيعها ،،، إلتفت لجانبي فرأيت إمرأة طاعنةً بالسن ،، فقمت من مكاني وأشرت للسيدة أن تجلس ،،،
شكرتني بصوت خافت ،،، ولكنها ذكرت إسمي لقد قالت شكراً وأتبعتها بإسمي ….
إستفقت حينها من غيبوبتي الصباحيه ونظرت لها ،،، وإذا هي الماضي …. نعم .. الماضي بعينه ،، الحب القديم ،، بعد فراق عام ونصف ،، تصعد ومعها طفل رضيع ،،، وفي نفس الحافلة التي كنا نجلس فيها سوياً في سابق عهدنا ..
أكمل السائق المسير ،، وأنا أقف بجانب الجابي ،، أحبس دموعي وأهددها إن نزلت ،، وبعد مسافة الربع ساعه ،، نزلت المرأة العجوز ،،، وكأن ذلك كان إتفاقاً بينهما ،، نزلت العجوز ومضى السائق مكملاً وإذا به ينظر إلي عبر مرآته الوسطيه ويقول لي بعاميته (( أقعد لو سمحت جنب الأخت)) ولكني كنت سأقول له ،، نعم هي الأخت ،، فقد قالت لي في آخر لقاء (إنتا مثل أخوي) نعم هذه الكلمة التي أكرهها ،،، أحبها سبع سنوات وبالنهاية تقول لي مثل أخي .
أطعت السائق وجلست بجانبها وأنا أقشعر وأكاد أجن ،، أما هي فقد أصبحت تناغي إبنها حديث الولاده ،، وتضاحكه كما كانت تضاحكني ….
بكيت يومها وتكدرت ،، وطلبت السائق الوقوف على الفور …
تركتها والحافله وإبنها في حال سبيلهم ،، وقفزت إلى الخط الراجع ،، وعدت إلي بيتي ،،
عدت مكسور الخاطر ،، مزرق الجفن ،، أحسست بأنها بداية النهاية ،،، كانت تلك آخر مرة أراها بها ،، فقد تركت بلدها وسافرت وكتبت لها قصائد الوداع والفراق على أمل أن لا أعود …
ولن أعود … إلا إذا جمعتنا تلك الحافلة من جديد ، حينها سأتجرأ وأقول لها بعامية أم كلثوم (قول للزمان إرجع يا زمان) …
———————–
…. محمد أبو ربيع ….